من قلب الجزيرة

زلط السريحة…ملحمة التضامن والتحدي

هشام مبارك يحكي قصة الإنجاز وحكاية الإعجاز

في السريحة كانت الحكاية والرواية .. كان الإنجاز وكان التاريخ .. كانت العزيمة وكانت الإرادة فكان الميلاد .. ميلاد حلم ظل يراود الجميع سنينا عجاف …حلم السريحة القديم وشريانها العظيم
الحديث عن زلط السريحة لابد أن يبدأ برابطة أبناء السريحة بالخارج .. رابطة أبناء السريحة بدول المهجر …رابطة العمل الجماعي وأعمال الخير و تعمير الأرض بما ينفع أهلها.
كانت بدايتها صيانة جميع مدارس السريحة وبناء مدرستين بتكاليف تفوق ال 50 مليار… ثم صيانة المستشفى وبناء مجمع عمليات على أحدث مستوى وتصميم بكلفة تصل ال30 مليار ثم توسعت بعمل صندوق خيري لعلاج المرضى تصل ميزانيته السنوية الى 10 مليارات. هذه الأعمال العملاقة كونت كيان قوي يحمل روحا خيرية جاذبة جعلت كل الأحلام ممكنة. بحكم هذه القوة وهذا الحماس ورباطة الجأش كان التحرك نحو الهدف .. المشروع كبير والعمل ليس قليل ..فهو طريق يمتد لعشرة كيلومترات وكذلك كبري يربط بينه وبين الطريق المتفرع من طريق مدني الخرطوم .. التكلفة عالية والزمن عصيب و كل مشاريع الدولة متوقفة … مشروع تكلفته ما يعادل ( 90 مليار) .. فما كان من شباب السريحة ونساءها ورجالها وأطفالها وكل أحد فيها شمر عن همته و ساعد جده لتحمل هذه المسؤولية العظيمة .. لأنهم يعلمون جميعا أهمية الطريق كأول خطوة نحو التنمية العظمى للمنطقة .. لذلك كان التصميم على انجاز هذا المشروع العظيم …
بدأ العمل بتوصيات من الإخوة بعمل ردميات إسعافية لموسم الخريف في النصف الثاني من 2019، وشيئا فشيئا تطورت الفكرة بأن تكون البداية بالردميات والطبقات الثلاث .. على أن تكون خطوة خطوة .. و بحمد لله كانت البداية في الطبقة الأولى فكان التجاوب الغير مسبوق من جميع أهالي السريحة بالداخل .. فتمت بحمد لله هذه الطبقة بجميع أعمالها من توريد التراب وعمل الآليات بإشراف هندسي كامل من قبل المحلية والولاية وكانت الدافع الحقيقي لإكمال المشروع.. وانطلق العمل فورا في الطبقة الثانية وبنفس القدر من الهمة و البذل والعطاء والتجاوب الكبير تم إنجازها في أقل من شهر .. ورد فيها الرمل من حطاب بشرق النيل ورغم بعد المشوار ولكن لا شئ يقف أمام العزيمة والإصرار .. يتم جمع المال بأسرع ما يكون .. نفرات للمغتربين ونفرات داخل مساجد السريحة يتبرع فيها حتى الأطفال الصغار .. فرحين بتبرعاتهم ومستبشرين بتحقيق حلمهم ..
أما الطبقة الثالثة انبرى لها إثنان من أبناء السريحة الأوفياء هم سيف اليزل أحمد خالد وصديق الأمين خالد .. تحملوا تكاليفها كاملة فجزاهم الله كل خير وتقبل منهم ومن جميع أبناء السريحة .. وبعد الإنتهاء من هذه الطبقات الأساسية .. أصبح حلم الزلط قاب قوسين أو أدنى .. تكللت الجهود بالتواصل مع سعادة الوالي الدكتور/ عبد الله إدريس الكنين والي ولاية الجزيرة والذي بدوره أولى الطريق عناية كبيرة ممتدحاً هذه الجهود المباركة فقام بتكليف المهندس كمال يوسف محمد (مشرف عام طرق الولاية) ليكون زلط السريحة أحد أولويات الولايات الذي قام بتصديق كل أوراق زلط السريحة ليصبح ضمن طرق السودان القومية.
بدأت السفلتة شركة الرويان والتي أنجزت ما يقارب ال ( 3 ) كيلو من هذا الطريق العظيم قبل أن يصيب الآلة الأهم (الفراشة) في هذا العمل عطب فني أوقفها عن العمل، و لكن سوف يستمر العمل قريباً عن طريق شركة زادنا العملاقة وذلك بتوجيه السيد الوالي و جهود جبارة بواسطة المهندس كمال يوسف ، نسأل الله أن يتمه على خير .. آمين .
و في هذا الأثناء و خلال هذا التوقف لم تخمد نار همة أبناء السريحة ولم تلين عزيمتهم .. توجهوا نحو مشروع عملاق آخر وهو كبري السريحة العظيم والذي إختاروا له إسم الوالدة العظيمة رحمها الله ، الوالدة ( خديجة محمد حمد ) رحمة الله عليها لأن أول من وضع لبنات هذه الكبري أبناءها البررة بقيادة المهندس العظيم/ سيف اليزل أحمد خالد… و بحمد الله تم جمع مبلغ (21) مليار بالتمام و الكمال منها تبرع (6) مليار من شركة جياد جزاهم الله خيرا وعلى رأسها المهندس/ عبد الله عبد المعروف، و تم العمل كملحة أخري ومعبراً وجسراً للتواصل بين الأهل ونافذة أخري نحو التنمية المستدامة للمنطقة كلها…
في الختام التحية لأبناء السريحة وأزرق في الداخل والخارج وفي كل مكان على إنجاز هذه المشاريع التنموية الحضارية والتي تحسب بلا شك من المشاريع العملاقة التي تعتبر من مشاريع التنمية التي تقوم بها الدولة، وفي هذا المقام حق لنا أن نفتخر و نقول السلام عليكم أهل السريحة أهل الهمة.
فأنتم صفوة الأمم … وأهل المجد والكرم..
التحية لكل من حمل هم بلده وسعى في تطويرها .. التحية لأهل السريحة الشرفاء الذين كتبوا إسم السريحة وخلدوها في سماء المجد والعز والشرف والإنجازات. التحية لهم وهم الذين سطروا بقطرات عرقهم النبيل هذه المشاريع والعمل النبيل … طالت بهم أرواحهم إلى مراقي الصعود … مطالع السعود … ومراتب الخلود
ومن أراد المعالي هان عليه كل هم .. لأنه لولا المشقة ساد الناس كلهم ..
ونصوص الوحي تناديك … سارع ولا تلبث بناديك
وسابق ولا تمكث بواديك ..
الشكر لكل الذين كانوا صامدين خلف هذا العمل الجبار .. التحية للجميع و الحمد لله أولا وآخيرا
تظل مثل هذه الملحمات التضامنية علامات فارقة في تطور المناطق والسريحة ترسم معالم جديدة لتظافر الجهود والإنجاز في زمن عصيب… وأن لا شئ مستحيل فوق الأرض وتحت أديم السماء

على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** و تأتي على قدر الكرام المكـــارم
و تكبر في عين الصغير صغارها *** و تصغر في عين العظيم العظائم
إذا غامرت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجــــوم
فطعم الموت في أمر حقير *** كطعم الموت في أمر عظيم

زر الذهاب إلى الأعلى