المقالات

مواسم الفرح

ليس عليك أن تتكى قليلا لتفكر أو أن تفرك يديك تبحث الدف فى ليل شاتى أو أن تلحظ بأن على طرف فمها اليمين ظل إبتسامة لم تراوح مكانها لأيام. ليس عليك أن تراه مرتبكا يشترى أشياءه بعجلة وينزوى لأيام دون أن يعرف أحد أين ذهب. أو أن تترك نفيسه المشاطة.. مشاط نساء القرية وتسافر لإبنها فى مكانه البعيد ذاك, وتعتزر شراب السجاير وتشترى سبحة وتكنس حوش الزاوية كل جمعة. ليس عليك إبنتى أن تجدى أسباب. فكما كانت المواسم تاتى ..تاتى….الشتاء فى مكانه. والصيف أيضا. وفصل عريض تلسعنا رياحه وأمطاره يأتى فى أوانه.. وكان الزرع ينبت.. والنساء تحبل… والدواب أيضا,,.تتناسل,,.بعوضنا تماما مثل الضفادع له فم وحنجرة…مثلما يعض تاتينا أصواتها من الماء…وكما تاتى الأشياء فى أوانها… ينبت الفرح والحزن. نفرح كأننا لن نحزن مرة أخرى ونحزن كأننا ماعرفنا الفرح من قبل.. تنظر فى عيني أخيك فترى زاتك و تنظر من وراء عينيك فتجده كما هو نفس الملامح التى تعرفه بها ما كنا نعرف تبدل الحال والظروف والضيق ماغشتنا الكرب والاهوال…وما لبسنا فى شتاءنا لباس الصيف….أيامنا أيام وساعاتنا ساعات..نصلى كل الاوقات وتبكينا الأيات….يطربنا المديح….ويشجينا الغناء…ولكن ما يحدث.كان يحدث..فى صباح كصباحك هذا.جاءنا الفرح بغتة…تزوجت بت السريرى ود صعدالله…وعطانا…تزوجها.مختار الأشتر وكانت تكبره بعشرة أعوام…عبدالله بتاع الكارو.تزوج نفيسه وكانت قد تزوجت من قبله ثلاثة رجال لم تنجب منهم شى ولكنه أنجب منها عشرة بنتين وثلاثه اولاد ومات خمسة فى بطنها….كنا نمسى على فرح ونصبح على فرح…وكنا نضحك…نضحك حتى أنك تخشى على نفسك من البلل…وكنا نبتل..ونغير ملابسنا مرات

موسم للفرح(2)
وتزوجت سعديه بت حماد آخيراً…وبعد أربعين عاما…من الشقاء بين الحواشات تلقط القطن أو تقلع الفول…أو تضع البزور فى الأرض…اخيرا عليها أن تنظف رجليها ويديها من رائحة الطين ومخلفات الحشابش وبزور النباتات الصغيرة داخل كعبيها,,.عليها أن تنظر إلى وجهها….أن تذهب إلى عثمان صاحب الدكان وتقف جوار الشباك وتقول له بصوت مرتعش

  • دايره لى مرايه
    عليه أن يتحمل جزء وجهها الذى رأي نظرات السخرية منه
    _ سعديه ولا منو؟
    _ ااااى سعديه
    _ قلت دايره شنو ؟
    _ دايره لى مرايه
    _ لى منو ؟
    _ لى انا
    ويتناول عثمان المراية من الرف ويعطيها لها دون أن تنزل عينيه منها. وعرفت وجهها…لأول مرة من أعوام تراه…ولكن قبل ذلك كانت قد خباتها داخل جسدها وفى نهاية يدها الى أعلى كانت تشعر نعومة ملمسها والعرق الساخن يتقطر منها حتى يصل اصابعها….وعندما وصلت الدار دستها بين الكبابى داخل دولاب العدة…وعندما نام من فى الدار.امها محاسن واخوها جبوره….تسللت واشعلت اللمبة وبقلب راجف وأخرجتها … رفعت اللمبة إلى أعلى وقربتها من وجهها
    _ دى منو؟؟؟
    كان الظلام يلف الضوء وهالة المصباح تظهر الأشياء وراءها…الستارة القصيرة ودولاب العدة الخشبى وحديد الشباك المنزوع الضلفة….وصورة لممثلة مصرية..ضاحكة وواضعة يدها على فمها….كل شى باهت رأته. .. وبين ذلك رأت العينين سوداوتين وشعر معقوف إلى اعلى وجه طويل وفم مصموت داخلة شفته السفلى فى العلية .كان خدها ..الشى الوحيد الذى انعكس عليه ضوء المصباح فراته بوضوح.اثر قصير اخضر تزكرت انه بقايا عضة من أخيها الوحيد وحفرة ايضا صغيرة جواره
    _ وكمان عندك وجنات!!!!؟ تمتمت بفرح
    وجدت نفسها فجاة تضع رجليها المشققتين داخل ماء دافى و تدعكهما بقعر طوبه سودا.
    (نواصل)
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى