هوية خضراء

هوية خضراء -Upload

(عمود تحليلي يعني بقضايا هوية أنسان الجزيرة وما يتمظهر منها من أنماط سلوكية ومزايا وعيوب شخصية, فلا إظهار المزايا هو من قبيل الإطراء, ولا تسليط الضوء علي العيوب هو من قبيل الذم)

Upload
فيلم قلوب بيضاء من الأفلام الجميلة التي تجسد براءة السودانيين ونقاء قلوبهم ومحبتهم ومحنتهم تجاه الآخرين. الفيلم بطولة الممثل علي مهدي وجلواك وسامية عبدالله و نجوم اخرين ويحكي عن قصة طبيب متخصص عاش في الأرياف وهاجر للعمل في العاصمة القومية هو وزوجته الطبيبة في روتين ضاغط يجعلهم قلما يلتقون، يحسبون أوقات فراغهم بالثانية والدقيقة.
وعند فقد إبنهم الوحيد قاموا بإنهاء العزاء بإنتهاء مراسم الدفن نسبة لصغر سن الصبي و نسبة لإنشغال جل وقتهم بين الجامعة والعيادة والمستشفي والمؤتمرات
بعد سماع نبأ وفاة الطفل يقرر جلواك وسامية عبدالله السفر للعاصمة لأداء واجب العزاء في نجل قريبهم الطبيب و يتم التنسيق بينهم وبين الطبيب لمقابلتهم في غضون خمس دقائق هي جل ما يسمح به وقته، في توقيت محدد بالثانية والدقيقة.
و هنالك تحدث المفارقات في المواقف بين قلوبهم البيضاء الممتلئة بالمحنة، وبين براغماتية إنسان المدينة فتضيع فرصة اللقيا بالطبيب و هم يمدون يد العون هنا وهناك.
الطيبة والمحنة والتعلق هي إحدي سمات هويتنا الخضراء؛ لعلها هي التي ألهمت الشاعر بالتغني للجزيرة ووصفها بأرض المحنة وصفاء أرواح أهلها و محبتهم للاخرين و التي تستند علي موروث ديني متصوف.
لعل الطرفة المشهورة عن ”العوض“ و أهله و باغة عسله ربما تعکس في جانبها المشرق هذه الروح النقية و حبها للآخرين؛ و ان کانت تعکس في جانبها الآخر شيئا من اللزوجة غير المحببة….
کانت لفظة ”أهل العوض” سبة تصل عقوبة قائلها الموت فعلاً و ليس مبالغة؛ اذ کان من أحدهم أن استل سکينه و بقر بطن الآخر الذي حاول وصمه بتلك الصفة و نسبه إلي آل العوض (أهل العوض) وجرة عسله کانما قام بوصمه ب(علي بابا) تاجر العسل ولصوصه الأربعين.
الآن و مع کل المياه التي جرت تحت الجسر وإنتشار للوعي والتعليم وثورة الوسائط الإجتماعية تخلي معظم الناس عن التواصل طوعاً؛ وتخلوا عنه کرها تحت وطاة الظروف الحيا تية المعلومة ؛ وصار لسان الحال أن ” راحت من بعدك وطواها خيالي“ و لم يعد هناك من عسل ولا حتي من قارورة فارغة وليس هناك من وقت للتواصل أصلاً…
ختاما؛ و بعد أن أصبح التواصل إسفيرياً؛ و يتسم بالفردية بعيداً عن الجماعية؛ الحمدلله انه ليس هناك من قارورة عسل تُجلب اسفيريا حتي لا يخرج علينا ”طريف القوم و مطلق نکاتها“ متندرا بطرفة تقول ” نحن أهل العوض العمل ليکم ابلود upload للباغة ” !!!!

زر الذهاب إلى الأعلى