المقالات

في الحصاحيصا نقطة وسطر جديد

إنها الحصاحيصا مرة أخري بعد كل هذه السنوات والعودة تبدو لي طواعيه في كثير من تفاصيلها
إذا استثنيت الحاح صديقي خالد بأن أحضر وأقضي شطرا من الإجازه ضمن فعاليات نظمها هو بايحاء من ماضي مشترك لم يغادر ابدا
البص المتناسق التقاطيع ضخ في جسدي كمية من البرد لم أقوي علي مقاومتها لذلك عندما هبطت قرب البحر ولسعتني حرارة الخريف حاولت إزدرادها بنهم
جلست في المحطة كان وصولي متاخراً فقد تسلل العصر إلي المدينة التي تبدو ملقية قرب النهر باهمال
المحطة تكاد تكون مقفّرة إلاّ من عربة تزوم من وقت لآخر إيذانا بالإنطلاق ثم تمارس الهمود
بدأ بعض الطلاب يتوافدون ويصنعون ضجيجا نزقا
وصلت سيارة مكتظة لكن السائق حاول جاهداً أن يقنع أحد المنتظرين بالإنضمام للمتشعلقين خلف السياره دون جدوي
بدأت أطرق البدائل أواصل لمدني وأقضي ليلتي ثم أعاود الكرة صباحاً
أحاول الاتصال باحد الرفاق هنا في الحصاحيصا وأباغته بحضور غير مبرمج
راقت لي الفكرة سحبت الهاتف لأكلم رفيقي طلبت رقمه ورن الهاتف في الطرف الآخر
ساعتها رفعت راسي عن الهاتف بحركه تلقائية لاضع الهاتف علي اذني لكني لم أفعل
كانت تتقدم بخطي وئيدة ناحية عمق المحطة الخاوية
تبدو في طول شجرة البان في مقدمة منطقتنا القديمة واستقامتها
لونها يبدو كدغل حشائش تجاوزه المطر و عيناها تخترقان حواجز السكينة
كل شئ كان يبدو عليها أنيقا رباط الراس الذي تتسلل منه بعض الخصل في شقاوه اللون البني الذي كانت تركز عليه في كل ما ترتديه
حذائها الصغير الأنيق الذي بدأ الغبار يتعلق به
الشنطه الصغيره المعلقه علي كتفها
التنورة الطويلة ومشيتها الحذرة علي الأرض
كانت تبدو وكأنها تجس الأرض وصديقي يرد علي التلفون ولكني كنت غير مهيأ للإجابة
تلاقت نظراتنا في لمحة أحسست بإرتباكها رفعت يدها للم الخصلات الشقية فتبينت طلاء الاظافر البني….تلفتت حولها في حيرة
كانت في منتصف المسافة بيني وبين الطلاب المتضاحكين
تذكرت الشعرالأبيض علي رأسي وسحبت نظراتي بعيداً عنها في تأفف
ثم باغتني صوت يبدو مميزاً بين الأصوات النسائية لكنه يتسم بنعومة طاغية

  • السلام عليكم
    لماذا اقتربت من الرجل الشايب مضغت مخاوفي ثم رددت السلام باقتضاب
  • وعليكم السلام
  • هل تنتظر وسيلة نقل
    السؤال أيضا باغتني كملامحها التي تحفرني الآن
  • لا ولكن ربما تكون هناك سيارة قادمة من مدني متأخرة أو متجهة جنوبا تتقدم بي قليلا
  • أنت احمد نصر الدين أليس كذلك
    هززت رأسي ان نعم
    وتساءلت بعيني كيف تعرفني
    إبتسمت وتفجر آخر محابس الوقار عندي
  • انا بعرفك منذ ان كنت بالمنطقه لكني كنت صغيرة آنذاك
    تردد صدي في داخلي مازلتي غضة يافتاة ….إستطردت
  • كنت صديق لقريبي احمد حسن
  • من أنتِ؟!
    تعرفت علي أسرتها من سياق إسم العائله
    وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث والمغرب يزحف سريعاً نحونا
  • أريد أن أهاجمكم لأتعرف عليكم أكثر
    أطلقت جملتها وإبتسامة خلابة تلاعبت علي شفتيها
  • من نحن؟؟
  • مجموعة من الشباب علي ما أذكر حاولت تحطيم القوالب القديمة بطريقة ذات طعم ومذاق معين
    ضحكت بشده من تعبيرها الحذق
  • لم نحاول شئ كنا نمارس مرحلتنا العمرية دون مكابح
    تريثت برهه
  • هذا يعني ان الصدام بينكم وبين ( اشارت بيدها في الإتجاه الذي قدمت منه) قد توقف
  • أنا لا أدعي انه كان صداماً بالمعني المفهوم ولكنه كان تمرداً إنتهي بتفرقنا
    لم نعد علي اتصال منذ مغادرتنا… بعضنا استقر في الخليج وإستكان وبعضنا غادر بعيداً ودس نشاطه في منافي شقراء
  • لكنكم تركتم أثراً وان كان غير مكتملاً.. كان شائها يحتاج للكثير من الإجتهاد لتتبعه
  • لم نكن نطمح في أن يتبعنا أحد ماتم تم دون تخطيط أو رؤية بعيدة
  • هنا مكمن الوجع فقد نظرتم للأمور وفق منظور مرحلي ولم تهتموا بمد جذوركم بعيداً
  • نحن لم نكن نمثل جهة ما
  • لا اسمح لي … كنت تمثلون جانب وأشارت إلي شقها الذي تضع حقيبتها عليه
  • إنما هي ميول عند البعض والبعض الذي كان مؤدلجا لم يكلف بشكل رسمي بتفريخ افكاره في المنطقة
    مع ابتسامه
  • هل تعني نفسك بالشق الاخير
  • ليس بالضرورة ( بعد توقف لبرهه) نعم وآخرين
  • اذا لماذا كنتم مصابين بقصر النظر فيما يخص تبادل الأدوار
  • لم نسعي للخلود وإنما تعاملنا مع العوائق آنذاك بتلقائية
  • أليس هذا يناقض تكتيكات الجماعة التي تنتمي إليها؟؟
  • لم اكلف كما قدمت بشكل رسمي ولا أحد آخر في المجموعة. الذين سبقونا لم يكن قد سلموا الدور بعد
    تسلل حديثها رغم أنه حطم كثير من الغرور داخلي كجرافة بنعومة لاتتناسب مع الطرح لكني بدأت أمارس غيبوبة محببة في حضرتها
    إنتزعني من خواطري برق ملحاح
    وبدأت بعض الخواطر تزحف نحوي كنت لوحدي ولم يكن الحل مستعصيا ولكن هذه المليحه الي جانبي الآن….. والحل صار معقدا
    ثم زامت سيارة الي جانب المحطه التفتنا نحوها في لهفة
    أخرج السائق راسه وصاح بإسمي فكانت أجمل نغمه سمعتها منذ زمن بعيد
    أسرعنا ناحية السيارة بعد التحايا لاحظنا أنها خالية ومع ذلك إختارت الفتاة أن تجلس الي جانبي … ثم تدافع الطلاب بسرعة وتحركنا رائحة مطر تسللت الي انفي
    شكرتها وهي تقدم لي قطعة حلوي ضخمة
    بعد الخروج من الحصاحيصا مباشرة بدا المطر يجلد الارض بشدة
    الرؤية كانت متعذرة…. أضواء السيارات القادمة علي قلتها تبدو كنوافذ البيوت الطينية القديمه ليلا
    آمالنا كلنا ان يتوقف المطر مع نهاية خط الأسفلت ولكن ذلك لم يحدث
    بعد الأسفلت بدات المركبة تصارع الطين اللزج الذي تطاير حتي النوافذ
    تمنيت ان نقضي الليل في الطريق الموحل فقد كان حديثها طرياً شيقا
    بدت وكأنها غير مكترثة برعونة المطر…. إستمرت تحدثني في إلفة متدفقة
    قطع السائق من الأمام حديثنا معلناً انه لا يمكن التقدم أكثر
    تنهدت هي لكني لم أتبين ساعتها عن حرقة أو عن رضا … أما عني فقد احتفظت بسروري لي وحدي
    أضاء السائق السياره حتي يرانا القادمين فقرأت لي شعرا من كتيب صغير ثم بدات السيارات تتراكم الي جانبنا عوائل بكاملها من قري مجاورة
    صراخ أطفال وثرثرة نساء ساخطات .. ونحن غارقان في حديثنا الشهي
    عندما تسلل الضوء مره أخري كانت في إغفاءه اذ لم أدعها تنام طوال الليل حدثتها عن كل شئ يخص الشلة التي يبدو انها كانت محور إهتمامها
    تلاحمنا.. نزقنا… انفلاتنا…. حكايات الهوي التي عشناها وكانت عيناها تبرقان كلما تعمقت في الحديث
    أصبحنا كاننا نعرف بعضنا منذ دهور أيقظتها باطلاق أغنية معروفة من هاتفي
    المطر توقف وسطعت الشمس واصلنا السير راجلين ورغم التعب كنا نتضاحك ونمارس مزاحاً صبيانيا
    الطلبة حولنا لم يعيرونا إهتماما … عندما عدت للمنطقة اخيرا عدت متأبطا عشق جديد والعمر قد تقدم خطوات كثيرة وقررت أن افسح المجال له لكي يزهر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى