المقالات

محمد كرم الله المتمرد حتي علي قصيدته

محمد كرم الله هاشم مصطفي ولد في 12 أبريل 1981 بالعمارة كاسر حيث مرحلة الاساس بها ..تنقل في المرحلة الثانوية بين مدرسة السحيني بجنوب دارفور ومدرسة الشيخ عبدالمحمود بطابت ثم مدرسة رفاعة الثانوية

تخرج من كلية الفنون الجميلة تصميم إيضاحي في نوفمبر 2005

شاعر ورسام تشكيلي وخطاط ومصمم إبضاحي ..نبغ في الشعر منذ سن باكرة ..مرحا يحب الحياة ويحب الناس ويحبه الناس…قارئا نهما للكتب…أثّر فى كل الاشخاص الذين حوله والذين قابلهم فى حياته…كان متمرداً حر النفس حالم لا يؤمن بالواقعية يفعل كل شيئ ويمضي فى أى طريق من أجل أهدافه وأحلامه…عفيفاً كريماً سمحاً…يحب الحياة ومباهجها وتجمعات الناس وجلساتهم إلا أن الموت قد عاجله وعاجل محبيه على حين غرة فى مطلع فبراير 2021

عالم محمد كرم عالم مترامي الأطراف عالم يشبهه وحده عالم نحته عجلا كما يبدو فقد بارح باكرا تاركا أرثا مثقلا بالإحباطات والوجع وومضات الفرح أحيانا
فقصيدته سرياليه تماما كما تبدو لأول وهله ,عصيه علي الذوبان في القوالب التقليدية ولكن عند التعمق أكثر تجد نفسك (توهطت ) بدون إستئذان و(جقمت) الكلمات التي تقطر حنينا
والسكر عنده يبدو كنتاج تصوف فهو يسكر بالنزوح إلي عالم متخم بالكلام (الماخمج)
محمد كرم الله يبدو أحينا كتُقابة… وحده ينير طريقا سيسلكه الكثيرين من مريدي الشعر المتمرد … وأحيانا يبدو كمن يهش علي قصائده كي تلحق بركب العظماء
وللحقيقة بعض قصائده تضعه في مصاف العظماء الذين حفروا عميقا وأوجدوا مذاقا ولونا جديدا للشعر المتمرد
وفي إستدعاء يبدو كقنوط ما… في ظاهره.. بينما هو خليط من جلد الذات وتمرد علي الواقع القبيح يقول

أين ذياك الهوي والمنتهي
وعناق الفجر والنهد يثب مثل جيش الله نهداً فارسا

وهنا أن لم نتريث سنغرق في هذه اللغة العصية.. هل هو تحسر علي ضياع عشق كما يبدو أم تهويم غير قابل للتجسيد
فمحمد كرم الله يجعل القارئ يتلبسه الشعر وبالتاكيد لن يبحث عن تفسير بعينه طالما أن حالة الشاعر تتلبسه فتسري القصيدة في عروقه وتفور لذة الوعي العميق والمعرفة التي تتعدي حواجز اللغة الخرساء
ويصر في نفس النص علي إستجرار اللوعه قائلاً
ليت قلبي قد تحاشي إذ شرب (ليثبت للمتلقي أنه لوعة عاشق فجع في عشقه)
لم يلجأ للادوات التقليدية إنما إستخدم أداة تشبهه ليلحق فعل الوقوع في المحظور بالحسرات السابقة
ويختم بقوله

أينه الموت الذي لايقترب ؟

كأنه يتنبأ برحيله الوشيك
الاسئله في قصيدة محمد كرم تنطلق كشظيات من أغنية لم تكتمل…لكنها تؤلم
وأنا نفسي أعرف بحلموا بي شنو
تبسيط استغراق ثم كبسله يشوبها غموض لذيذ
ديلك منو
وختم القصيدة بها ياللتمرد الجميل علي كل المألوف
أنه يحفر وحده في جداران الكلام وينتج شعرا (حقو براهو)
وهذا لايمنع أن محمد كرم ينتمي لمدرسة عريضة ظلت تحتل مكانتها في القصيدةالدارجه المطعمة بالنزوع نحو اللا تجسيد
واقربهم له كما يبدو لنا بعد تمحيص هو الشاعر عثمان البشري
وإن كان محمد كرم في أحيان كثيرة يبدو كقاص يتحدث شعرا
القصيده لاتنتهي في حدود المتعارف عليه ولكنها تتمدد وتعبر خطوط الإحتمال نحو عالم يخصه لكنه يصر بكرم أن نشاركه إياه
فهو لا يفسر بالكلمات الثرية قد تفقد إكتنازها إن فككت
وهنا تراودني عن قدرتي علي الاستيعاب مقولة عاطف خيري « الخط الإضافي الجاي من شبيكة الزول البشاهد»
حبل سري يمتد من المستمع أو القارئ حتي الأخيله عند محمد كرم يستطيع المتلقي ان ينتج عالمه الذي حتما سيفقس نتاج لتزاوج ذائقته مع دفق الكلمات المتمردة
فهو يبدو لي وكأنه رحل ولديه بقية كلام لم يقله
يبدو لي وكأنه مازال يغرد وحيدا قرب الحنين هو وحده من يمكنه إنتاج عبارات كهذه
يصنع حبالا من الماء

فتنكش ماينبت من صدورهم من لبلاب شهواتهم

ثم أنت يامدينة الطين اللبن
أليس الشعر هنا ينيخ راحلته تحت ظلال تصوف عاشق
ولكن محمد كرم ممكن ان يكون مشتعلا جدا
فهو يقول :
ويحرق أندلس عزتنا تسكني الطبول والأصدقاء الرايحين

فهو يستدعي المسكوت عنه بشكل يبدو مبهما لكنه يلهب الخيال علي كل حال
ولا يتردد أبدا في تطعيم نصوصه ببعض التواريخ التي يتهمها بالتشوه
تستغرقه القصيدة
فيرحل إليها ناحيا بعدا يخصه دون أن يعود
وانا ذاتي بخاف مابعاين لي
كيف تأتي لها الشاب الملتهب العاطفة هذا التجديف العميق
كيف تاتي له أن يقول :

يارفاقي أنني اليوم تعب
مثل ماء بين نار وغطاء
ألا يقترب هنا من قِدر يرغي ثم يزبد ثم يخرج الخندريس
علي كل علينا أن نتناول قصيدة محمد كرم الله الذي غادرنا باكرا
بشئ من التروي فبين سطوره الكثير المثير الخطر .

………………………………..

قصة الحب التي ما بيننا
ذكرونيها فحاولت الكذب
وادعيت السلو
يا معبودتي
وأنا أبكي وقلبي يضطرب
ظاهري زهوا قويا باسما
وبأعماقي مرارات تشب
ألف نار أوقدوها في الحشا
يا رفاقي انني اليوم تعب
مثل ماء بين نار وغطاء
ببخار الدمع جفني يلتهب
يا صحابي مالكم في ذكرها
لا يعيد الدمع يوما ما سلب
لا يعيد الدمع عمرا ضائعا
وحبيبا وامانا مستتب
وجبينا كم تحاشاه القمر
وعناق الحب في العشب الرطب
صوت ناي ام شفاه صدحت
فأنا من رجعها اليوم طرب
أين ميثاق الهوى يا حلوتي
خاننا الدهر ام العهد نُهب؟
أين ذياك الهوى والمنتهي
وعناق الفجر والنهد يثب
مثل جيش الله نهداً فارساً
طاعناً بالنصر يوماً ما غُلب
كان حباً وهوي ثم انطوي
ليت قلبي قد تحاشى إذ شرِب
كان نجماً لامعاً ثم هوى
لم يخلِّف غير قلبِ ينتحِب
أينهُ اليومُ الذي ينسينها؟
أينهُ الموتُ الذي لا يقترِب؟
لم يعد مني سوي أغنية
وتفاهاتٌ وإحساس خرِب
وفراشاتٌ على غصن يبيس
خانها الزهرُ بعطر مكتئب
قصة الحب التي تروونها
أكل الدهرُ عليها وشرِب
أينهُ اليومُ الذي ينسينها؟
أينهُ الموتُ الذي لا يقترب؟

محمد كرم
7/12/2014

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى